من هم المستعربون؟

.




من هم المستعربون؟
2010-03-25
إعداد طريق القدس- المراجع مواقع عدة
فرق الموت, الوحدات الخاصة, أو المستعربين (وفي المصطلح اليهودي " المستعرفيم ") وهم وحدة عسكرية سرية تعمل في فلسطين، وفي الدول المجاورة لها. أنشئت هذه الوحدة للمرة الأولى من قبل عصابات "البالماخ" عام 1942, وكان جل عناصرها من اليهود الشرقيين الذين يتميزون بملامحهم وملابسهم وحتى لغتهم العربية، بقصد العمل على خدمة أهداف العصابة الصهيونية في ترويع المواطنين الفلسطينيين، وضرب ركائز القوة الوطنية الفلسطينية، من خلال الاغتيال, الاختطاف والترهيب, والتغلغل ضمن المتظاهرين. وهو ما عبر عنه "شيمون سوميخ"، وهو أحد قادة المستعربين بين العام 1942 والعام 1949، بقوله "إن عمليات الاغتيال كانت من المهام الأساسية لهذه الوحدات المبكرة".

المستعربون الأوائل:
مارست الحركة الصهيونية وعلى نطاق واسع مختلف أشكال الإرهاب وجرائم القتل والتدمير ضد الشعب الفلسطيني قبل عام 1948. وبعد قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، واستمرت هذه الأعمال الإرهابية برعاية وتواطؤ من أعلى الجهات والمرجعيات الرسمية وبوسائل أكثر تنوعاً وتطوراً. وإذا كان الجيش الإسرائيلي نفسه هو ثمرة المنظمات والحركات الصهيونية العسكرية التي نفذت العمليات الإرهابية ضد العرب خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، فإن تشكيل المستعربين في هذا الجيش والتي تحمل أسماء (دوفدوفان) و(شمشون)، والتي كانت وليدة الواقع الجديد الذي نجم عن تعاظم الانتفاضة هي أيضاً ثمرة وحدات النخبة في تلك المنظمات العسكرية. ذلك أن (الاستعراب) كوسيلة إرهابية غير تقليدية مارسها الصهاينة الأوائل وجسدتها منظماتهم بأشكال شتى:
1ـ جماعة المستعربين في الإيتسل والأرغون أُطلق اسم (مستعرب) على اليهودي الذي يمتزج في الوسط العربي الذي يتواجد فيه، يعيش بأساليب حياته ويمتص ثقافته، ولكنه في نفس الوقت يتمكن من المحافظة على "قيمه القومية". وكان أفراد (هاشومير) يعتبرون تقليد حياة البدو والتكيف مع أسلوب حياتهم أمراً مثالياً. ومن أجل تحقيق ذلك، لا بد من التعرف على أبناء البلاد وسبل حياتهم بالسكن بينهم حتى وإن تطلب الأمر في خيام عربية وممارسة رعي الإبل والغنم وفلاحة الأرض.
وقد انعكس الاستعراب هذا إيجابياً على نشاط المنظمات الصهيونية فيما بعد مثل المنظمة العسكرية القومية في أرض إسرائيل (ايتسل)، والمحاربون من أجل حرية إسرائيل (ليحي) أو (شتيرن) حيث نفذت هذه المنظمات ونفوذها داخل قطاعات واسعة من الشبان الصهيوني على أرض فلسطين، أعمالاً إرهابية أوقعت عشرات القتل والجرحى في صفوف الشيوخ والنساء والأطفال العرب وعدداً من البريطانيين الذين تصادف وجودهم بين العرب وفي تجمعاتهم. ويذكر يعقوب الياب، قائد العمليات العسكرية لمنظمة (ايتسل) في مدينة القدس بأنه كان يستعين بما أسماه (جماعة المستعربين) في الجهاز الإستخباري التابع للمنظمة لتنفيذ تلك الهجمات، وأن رئيس (جماعة المستعربين) كان يعقوب مشبتاي. وأن تلك العمليات كانت تتم بالتعاون بين جماعة المستعربين والقسم الفني والمجموعات الميدانية في كل من القدس وحيفا.

2 ـ الدائرة العربية في البالماخ
تأسست وحدة المستعربين الجديدة خلال فترة التعاون بين الوكالة اليهودية مع الجيش البريطاني أثناء الحرب العالمية الثانية، ضمن كتائب (القوات الخاصة بجيش الهاغاناة البالماخ)، وعرفت هذه الوحدة داخل البالماخ باسم (الدائرة العربية)، وكانت مهمتها في البداية أمنية، تجمع المعلومات وتطلع على اتجاه الشارع العربي، ولذلك كان هؤلاء المستعربون يتنكرون بالزي العربي ويتحدثون باللغة العربية ويتصرفون على الطريقة العربية، ويعيشون مع العرب في قراهم ويصَّلون معهم في مساجدهم، وكانوا في غالبيتهم من اليهود القادمين من الدول العربية ومن فلسطين كذلك. وفي مراحل متقدمة من غزو الجيش الألماني لشمال أفريقيا، عندما اقتربت طوابير دبابات رومل من حدود مصر، برز التنسيق والتعاون مع السلطات البريطانية أكثر من ذي قبل، وذلك من أجل الاستعداد لاحتمال السيطرة النازية على المنطقة. ولكن بعد زوال خطر الجيش الألماني، قطع الصهاينة الاتصالات مع السلطات البريطانية، وقررت قيادة البالماخ حل الدائرة العربية.
أعادت البالماخ تشكيل الوحدة مرة أخرى على أساس التطوع ودون أية شروط للخدمة، ووصل تعداد أفرادها (33) مقاتلاً معظمهم من الذين أرادوا الاستمرار في الخدمة ضمن كتائب القوات الخاصة ومن بعض المجندين الجدد. وفيما يختلف الجنرال أوري أور والكولونيل يعقوب نمرودي حول تاريخ عودة المستعربين للخدمة، فيذكر الأول 1943 والثاني يقول أنها في سنة 1945م، إلا أن المهم في هذه العودة أنه تم ولأول مرة تجميع المتطوعين القدماء والجدد في كيبوتس عين هحوريش، وأُطلق عليهم اسم محكاة هشاحر (وحدة الفجر).
وكانت الوحدة بقيادة يروحام كوهين، والمدرب شمعون سوميخ وهو من مواليد بغداد ويجيد لغة العرب وعاداتهم. وبعد عدة سنوات برزت أسماء أصبحت معروفة في النظام السياسي والعسكري للدولة العبرية مثل شمادية جوتما، وبيرس جوردن ضابط العمليات، ويعقوب نمرودي ضابط الاستخبارات في الوحدة. وهذه المرة لم يكتف المستعربون بمهام إستخبارية، بل وضعوا نصب أعينهم وظائف أكثر تعقيداً، وحصلوا علي صلاحيات واسعة جداً مكنتهم من الخروج إلى الميدان يومياً لجمع المعلومات عن مخططات العرب، والعمل على اختراق المنظمات الفلسطينية شبه العسكرية, وكشف أي مخططات لمهاجمة المستوطنات اليهودية ومعاقبة المقاتلين الذين يهاجمون اليهود. وإلى جانب كل ذلك، ساعد المستعربون في عملية الهجرة اليهودية الثانية لفلسطين وكانوا قاعدة أساسية لتشكيلات الجواسيس في الكيان الصهيوني وهم (أساس جميع العمليات الكبيرة والتي تحدث العالم بأسره عنها وبعض هذه العمليات لم يتبنها أحد)، وفق تقرير الكولونيل نمرودي الذي نشره بعنوان (وحدات المستعربين بين الماضي والحاضر).
وفي سبيل تحقيق هذه المهمات، كان تأهيل مقاتلي الوحدة طويل المدى ويتطلب الشيء الكثير بعد تدريبات تستغرق سنة كاملة، منها ثلاثة أشهر يتم فيها إرسال الأفراد للاختلاط في وسط السكان والتجمعات العربية، يشارك في اجتماعاتهم وصلواتهم في المساجد، ويتجول في الأسواق، ويحضر المؤتمرات الشعبية والمهرجانات مثل التي تجري في النبي روبين، ويجلس في المقاهي. ولم يطلق اسم (مستعرب) على كل من يتحدث العربية ويشرب الشاي والقهوة، وإنما أقتضي الأمر أيضاً الظهور بمظهر العرب بكل ما تعنيه الكلمة، سواء كان ذلك من حيث المظهر والشكل والزي أم من حيث اللغة والسلوك والمسكن والتزود بوثائق عربية ملائمة تشير إلى تاريخه العربي. وفي بعض الحالات كان يطلب منهم الامتزاج والعيش بين العرب لفترة طويلة، وإقامة بعض المحلات التجارية والصناعية.
وقد تسلل المستعربون إلى مراكز العمل الكثيرة مثل ميناء حيفا وشركة البوتاس ومعسكرات الجيش البريطاني ومصافي تكرير النفط في حيفا، وأيضاً إلى أمكنة عمل خاصة مثل مرائب إصلاح السيارات ومحطات البنزين وحاولوا أن يفتتحوا لهم أعمالاً صغيرة في المدن العربية مثل ورش السمكرة ودكاكين لبيع الصحف أو بسطات باعة متجولين، كما كُلفوا القيام بذلك النوع من الأعمال الذي لا يمكن ليهودي القيام به من دون أن يفتضح أمره أو يفقد عامل المفاجأة.
وكان من نتيجة ذلك أن زودوا جهاز الاستخبارات بمعلومات عن شحنات الأسلحة والتدريبات والاستعدادات العسكرية للعرب، واستكشفوا المناطق التي كان رجال البالماخ ينوون القيام بعمليات فيها، حتى أنهم شاركوا في هذه العمليات. وعند الضرورة كانوا يُرسلون في جولات استطلاعية في شرق الأردن وسورية. وبالإضافة إلى ذلك، شكل المستعربون دوريات استطلاعية تنطلق في جولات استكشاف واستطلاع لتجميع المعلومات حول القرى العربية ومصادر المياه والمسالك الوعرة وهي معلومات استخدمت فيما بعد في حرب 1948.
ومن الضروري ملاحظة التكتم الكامل الذي يلف عمليات وحدة المستعربين في الدول العربية قبل وبعد قيام الكيان الصهيوني، وكذلك نشاطات أعضائها. وحتى تاريخ حل البالماخ نهائياً من قبل ديفيد بن غوريون أول رئيس للوزراء في الكيان الصهيوني في 7/11/1948، نفذت وحدة المستعربين أعمالاً إرهابية عديدة ضد المدنيين العرب، نجم عنها العشرات من القتلى الأبرياء الذين لا علاقة لهم بأي نشاط.
وقبيل حرب أيار 1948، وجهت المنظمات الصهيونية جل نشاطها لاختراق الأحياء العربية من خلال التنكر بأزياء عربية كان أبرزها خمس هجمات قام بها رجال الإيتسل على تجمعات سكنية عربية في باب الزاهرة بالقدس، يافا، العباسية، الطيرة (حيفا)، ويازور، وقد خلفت هذه العمليات عشرات القتلى من العرب. وإمعاناً في التضليل اختار المستعربون يوم السبت لتنفيذ عملياتهم، وهو يوم عيد الحانوكاه، الذي يفرد له اليهود اهتماماً خاصاً، على أساس أن العرب لن يتوقعوا هجمات من هذا النوع في ذلك اليوم.
وبعد دخول الجيوش العربية إلى فلسطين، استخدم الجيش الصهيوني الذي ورث بعد تشكيله في نهاية شهر أيار 1948 تقاليد الهاجانا والمنظمات الصهيونية المتطرفة أساليب التنكر على نطاق واسع، وخصوصاً علي الجبهة الجنوبية، إذ تنكر العديد من أفراده الذين يتكلمون العربية بلكنة ممتازة وجندوا من أوساط اليهود الشرقيين وخصوصاً العراقيين، كبدو عرب وقاموا باختراق المواقع العربية وخلقوا جواً من الشعور بعدم الثقة وإثارة الشك تجاه البدو.
كما تدل الشهادات الشفوية على استخدام وحدات مستعربة لألبسة ومعدات الجيش المصري لتحقيق مفاجأة تكتيكية علي وحدات مصرية أخرى، وكذلك ضد وحدات جيش الإنقاذ، والجيش السوري في مناطق الشمال.
3 ـ مستعربون في مهمات داخلية
أعلن أول رئيس للوزراء ووزير الدفاع في الصهيوني ديفيد بن غوريون عن تأسيس الجيش الصهيوني بعد نحو أسبوعين من إقامة الدولة، وأمر بدمج كل المنظمات العسكرية وشبه العسكرية بما فيها البالماخ في ألوية وكتائب الجيش الجديد. كما تم، انطلاقاً من أدوات ما قبل حرب عام 1948، تأسيس بنية سياسيةـ عسكرية ـ أمنية قوية، لا تخضع لأي رقابة برلمانية أو حكومية باستثناء سلطة رئيس الوزراء. وعبرت تلك البنية عن بدايات جهازي الموساد والشاباك، الأول للعمل الإستخباري الخارجي والثاني للساحة الداخلية. وهذان الجهازان هيمنا علي المؤسسات العسكرية والأمنية بمجموعها.
ومن هنا، اتخذ الإرهاب وأعمال القتل ضد الشعب الفلسطيني شكلاً جديداً حين أصبح إرهاب دولة، ولم يعد إرهاب منظمات متنوعة متباينة في عنفها وحدتها في القتل والإبادة. وسنكتفي هنا بالإشارة إلى نشاط جهاز الشاباك ضد الشعب الفلسطيني الذي بقي متمسكاً بأرضه في الجليل والمثلث والنقب. إذا استغل هذا الجهاز فرض نظام الحكم العسكري على القرى والمدن العربية، الأمر الذي ألزم كل مواطن يرغب في الخروج منها بالحصول على تصريح حركة من الحاكم العسكري، في إقامة شبكات تجسس واسعة. وكان عملاء الشاباك يعملون علناً في القرى العربية، وكانوا في غالبيتهم من المطلعين على حياة الجماهير العربية، ومن أصحاب الممتلكات والعقارات ومنظمي الصلح بين المتخاصمين، وأصحاب الأعمال. وكان هؤلاء يقدمون خدماتهم مقابل مزايا مثل جمع شمل العائلات، والحصول على تصاريح بناء وتجارة، وتسريع الإجراءات في مراكز الشرطة، وضريبة الدخل والوزارات الحكومية الأخرى. وفي كتابه (مهنتي كرجل مخابرات)، يصف يعقوب بيري رئيس جهاز الشاباك (1988ـ 1995) الفائدة التي جناها من الحياة بين هؤلاء العملاء في بداية عمله حين طُلب منه البقاء عدة أسابيع في منزل أحد المتعاونين مع الشاباك كي يتعلم أنماط الحياة التي يعيشونها وعادات المجتمع العربي ولغته وتقاليده، وهو ما يمكن اعتباره اللبنة الأساسية الأولى في تشكل وحدات المستعربين (ريمون) و(دوفدوفان) و(شمشون)، فيقول بيري: زكي عبد الله ـ الذي حللت عليه ضيفاً ـ شخصية معروفة في باقة الغربية، لا تعقد صلحة في المثلث دون أن يُدعى للمشاركة فيها. ولم تمض سوي عدة أيام حتى شعرت أن منزل زكي فعلاً، كبيتي، وكنت أذهب إلى محل الجزارة الذي يملكه شقيقة الأكبر حافظ وأساعده في أعمال الجزارة. كما كنت أساعد شقيقه فارس في رعاية قطيع الأغنام والأبقار الذي يملكه، وكنت أقضي أياماً معه في الرعي. وأما شقيقه الثالث وجيه، فهو سائق سيارة أجرة، اعتدت مصاحبته في السفرات البعيدة وكنت أُجري حوارات مع المسافرين، وأزور القرى العربية التي لم أزرها في حياتي..
بدأت لغتي العربية تتحسن بصورة ملحوظة، وكذلك معرفتي لنمط الحياة العربية، فتعلمت كيفية احترام الوالدين، وكيفية التعامل مع النساء والأولاد، وعرفت ما يأكلونه وما يشترونه. لقد تعلمت الكثير جداً من الأمثال والحكم العربية، وما يقوله العربي تجاه أي حديث من عربي آخر. لقد كان تواجدي هناك بمثابة أفضل جامعة لدراسة الوضع العربي.
كان منزله ملتقى أبناء عائلته، الذين كانوا يتداولون الأحاديث بما فيها الأحاديث السياسية، كما كان ضباط من الحكم العسكري يؤمون منزله، ولم يكن أحدهم يعرف أنني يهودي، بل كانوا يظنون أنني عربي، ويتعاملون معي على هذا الأساس. واذكر ذات مرة، أن الجهاز عقد ندوة حوار مغلقة بعد أن غادرت منزل زكي، أمها الكثير من الضباط كانوا يؤمون منزل زكي، ودُعيت أنا أيضاً لحضورها، وعندما شاهدنا الحاكم العسكري لباقة الغربية، قال بغضب: كيف سمحتم لهذا العربي بالتسلل إلى الندوة ؟ فقد كان يعرفني بالاسم، الذي منحوه لي آنذاك يعقوب عويسات.
وإن كان بيري يكتفي بسرد هذه القصة، والتي يقول أن ثلاثة آخرين من الأغرار في جهاز الشاباك قد عاشوا حياة عربية مشابهة لنحو أربعة أشهر، فإن عاموس مانور رئيس جهاز الشاباك آنذاك يعترف بعد خمسين عاماً على إقامة الكيان الصهيوني أن هناك جانباً آخر من الإستعراب المبكر، تمثل في زرع عدة عملاء بأسماء وهويات عربية في القرى العربية والبدوية للعمل بين صفوف العرب. وبحسب ما ذكره مانور، فإن هؤلاء المستعربين ينتمون إلى وحدة أبقي وجودها سراً حتى نهاية القرن العشرين، ورغم أن نشاطها استمر سبع سنوات فقط، غير أن قسم الشؤون الشخصية في الشاباك استمر في التعامل مع ملفها حتى الثمانينات. فقد قام هؤلاء المستعربون تحت ضغط المحيط الاجتماعي العربي الذي كُلفوا بالاندساس والعمل بين صفوفه إلى الاقتران والزواج من فتيات عربيات، أنجبوا منهن أولاداً في بعض الحالات. وبعد حل هذه الوحدة، طلق بعض المستعربون نساءهم وتخلوا عن أطفالهم في حين أقام الآخرون في القطاع اليهودي مع نسائهم وأطفالهم بعد أن اعتنقوا اليهودية. وبحسب ما يذكره مانور أيضاً، فإن وراء فكرة تشكيل وحدة المستعربين هذه كان رئيس جهاز الموساد في حينه إيسار هرئيل.
أما قائد الوحدة فيدعى شموئيل موريا، وقد اعترف في مقابلة صحفية بأن إقامة واستخدام هذه الوحدة كانت فكرة خاطئة كما اتضح لاحقاً لكون عملها تسبب بمشكلات صعبة لأفرادها من المستعربين الذين اضطروا إلى إقامة أسر وعائلات خاصة بهم تحت هويتهم العربية المنتحلة.
ويضيف موريا بأنهم ـ أي المستعربين ـ كانوا يتحركون لدى حصول (أعمال عنف من جانب الأقلية العربية) حسب تعبيره.

4ـ مستعربون في مهمات خارجية
امتد النشاط الصهيوني في الخمسينات ليشمل يهود معظم الدول العربية، وخاصة الدول التي تتواجد فيها طائفة يهودية كبيرة كالعراق والمغرب العربي. وكان لفروع منظمة الهاغاناة داخل تلك التجمعات التي يتقن أفرادها اللغة العربية، دور رئيس في ربطها بالكيان الصهيوني فيما بعد، مما سهل مهمة الموساد في التغلغل بين العرب. ونظراً إلى أهمية إعطاء صورة عن نشاط المستعربين في الدول العربية كون ذلك النشاط هو المسبب الرئيس في تهجير مئات الألوف من يهود العراق والمغرب وتونس والجزائر، فقد رأينا من المناسب أن نتناول بشيء من التفصيل هذا الموضوع.
البداية كانت في العراق حيث رفض اليهود العراقيون الهجرة إلى فلسطين، فما كان من الدولة الصهيونية الجديدة إلا أن تعمل على تهجيرهم بالقوة عبر الأعمال الإرهابية والعدوانية ضدهم، وزرع الشقاق بينهم وبين العرب، موهمتهم أنه لا مجال لهم بالبقاء هناك. فقد كشفت مجلة هاعولام هازية العبرية عام 1966 النقاب عما أسمته فضيحة بغداد، وهي قيام ديفيد بن غوريون بإيفاد وحدة من الموساد إلى العراق في عامي 1950 و1951 للقيام بأعمال التخريب والإرهاب ضد يهود العراق ونسبتها إلى العرب، لحملهم على الهجرة إلى فلسطين. ويشير حاييم كوهين، أحد ناشطي الحركة الصهيونية في العراق، بوضوح إلى مسؤولية المستعربين في إلقاء القنابل اليدوية عندما تباطأت عملية الهجرة في بداية عام 1950. ومن أبرز تلك العمليات، الهجوم بالقنابل اليهودية في 14/1/1951 على كنيس معسودة شخطوف في بغداد، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في إشاعة أجواء الخوف في صفوف الطائفة اليهودية.
أشاعت الأوساط الصهيونية والرسمية العراقية آنذاك، أن مفجري هذه القنابل هم من اللاجئين الفلسطينيين، وتم اعتقال الكثيرين منهم لهذه التهم. ولكن بعد بضعة أشهر على بدء هذه الاعتداءات، شاء القدر أن يكتشف لاجئ فلسطيني من سكان حيفا كان يعمل بائعاً في مخزن ببغداد ضابطاً يهودياً من ضباط بوليس حيفا يبتاع قميصاً، فأبلغ نسيبه العراقي عما شاهده. فقام هذا بدوره بإبلاغ شرطة بغداد التي بدورها نصبت كميناً وقع فيه الضابط اليهودي بعد ثلاثة أيام مع رفيق له. وتبين أن الأول يحمل وثيقة شخصية باسم منشي سليم منشي تشهد أنه من مواليد بغداد، وأما الثاني فقدم نفسه بأنه تاجر يدعي إسماعيل مهدي صالحون. ورغم اعتراف منشي سليم منشي بأنه المسؤول عن تفجير المؤسسات اليهودية وأنه فعل ذلك بأمر من الحكومة الإسرائيلية، وأرشد الشرطة العراقية إلى مخابئ الأسلحة، إلا أنه جرى إطلاق سراحه وتسفيره إلى قبرص ومن ثم إلي فلسطين المحتلة، وبقي صالحون وآخرون قيد الاعتقال حتى عام 1960، ثم أطلق سراحهم في صفقة أخرى بين شخصيات عراقية وصهيونية.

وبعد أبحاث واستقصاءات من خلال المصادر الصهيونية، أمكن تحديد هوية المستعرب منشي سليم منشي، قاتل يهود العراق، وإذا به مردخاي بن فورات، الوزير في حكومة مناحيم بيغن الثانية ورئيس الطائفة السفاردية في الثمانينات. وأما المستعرب إسماعيل مهدي صالحون، فقد تبين زيف وثائقه وأن اسمه الحقيقي هو يهودا مرميش تاجار. كما تبين أيضاً أن المشرف على إدخال الأسلحة والمتفجرات من طهران إلى بغداد المدعو ماكس بينيت دخل سوريا ومصر وحتى العراق أكثر من مرة متنكراً في زي قسيس مسيحي، يحمل معه الإنجيل.
وفي المغرب العربي، نظم سلومون أزولاي ـ أبرز نشطاء يهود المغرب ـ وحده خاصة ضمت خمسين شاباً يهودياً من المغرب وتونس والجزائر جرى نقلهم إلى فلسطين المحتلة سراً عام 1954 حيث شاركوا في دورة تدريب للقادة في الجيش الإسرائيلي، ثم أعيدوا عام 1955 إلى تلك البلدان بعد أن أنهوا الدورة.

المستعربون من الانتفاضة الأولى للآن:
واستمرت وحدة المستعربين على حالها، إلى أن أتت الانتفاضة الأولى في العام 1988 فقامت المؤسسة العسكرية بقيادة رئيس أركان جيش الاحتلال الصهيوني آنذاك إيهود باراك، بإعادة الفاعلية لها وإعادة هيكلتها من خلال ترسيم وحدتين للمستعربين واحدة سميت ب "الدفدفان "، أما الوحدة الثانية فكانت تسمى " شمشون" والتي خصصت للعمل في قطاع غزة. وإعادة الهيكلة، وبعث الحياة في "المستعربين" كان الهدف منها مواجهة التحديات الكفاحية المتصاعدة والمنظمة للشعب الفلسطيني، من خلال التغلغل في صفوف الانتفاضة، وإثارة الارتباك، والقيام بعمليات الاختطاف.
وكانت مصادر صهيونية قد كشفت أنه مع إنشاء وحدة "الدفدفان " بدأ تجنيد النساء الصهيونيات للعمل ضمن وحدات المستعربين، كنتيجة لمشاركة المرأة الفلسطينية الفاعل في أعمال الانتفاضة، وانسجاماً مع مهمة التغلغل في صفوف فاعليات الانتفاضة. وهو ما برز في كل مواقع المواجهة، وتحديداً في أثناء تنفيذ المستعربين لمهماتهم في القدس. مع العلم أنه في أول عهد دخول الصهيونيات لصفوف المستعربين، عملن في مجال جمع المعلومات والعمليات الاستخباراتية.
ولفهم الضرورات الصهيونية التي حملت لوحدات المستعربين، ومدى إدراك الكيان الصهيوني لقوى الكفاح الشعبي الفلسطيني، يكفي مراقبة عمل المستعربين الوحشي أمام عدسات الكمرات العالمية، بإهمال واضح لما كان يدعيه الكيان الصهيوني من ديمقراطية ومراعاة لحقوق الإنسان. وبالرغم من هذه الوحشية السافرة المنقولة عبر عدسات التلفزة، عمل الإعلام الغربي طويلاً على قلب حقائق الصراع على الأرض، وكرر طويلاً أكاذيب الكيان الغاصب على أنها حقائق. بقي هذا حال تعامل الإعلام الغربي مع وحشية المستعربين، كما تعاملهم مع كل جوانب وحشية الكيان الصهيوني، حتى استطاع الفلسطينيون بأنفسهم، وبدعم من ناشطين غربيين، كسر الاحتكار الإعلامي، بتجارب إعلامية بديلة.
وقد تعدت طرق تسرب المستعربين بين صفوف الشعب الفلسطيني المنتفض، فيتم استغلال الملامح الشرقية لبعضهم، أو يتم التعامل بالماكياج ليظهروا كذلك، ويتسرب هؤلاء باللباس العربي المدني. بينما ينتحل ذوو الملامح الغربية صفة الصحفيين الأجانب ويحملون معدات الصحافة بأكملها، بانتهاك واضح للقوانين الدولية التي تحرم ذلك حرصاً على سلامة وحيادية الصحافيين.
ويعتمد المستعربون وسائل عدة للقيام بمهامهم الإجرامية، حسب الغاية المتوخاة من قبل سادتهم. ففي حالات عدة، وحين كان المطلوب اختطاف شبان فلسطينيين في مناطق عرف عنها النشاط في مواجهة جنود الاحتلال، يعمد المستعربون أنفسهم لتفعيل حالة التصادم مع الاحتلال، من خلال مبادرتهم لرشق الحجارة على الدوريات الصهيونية ليتجمع الشبان حولهم، ظناً منهم أنهم يساندون إخوانهم، عندها ينقض هؤلاء المستعربون على الشباب الفلسطينيين بالضرب على الرأس، والوجه خاصة، ويقيدونهم، ويشهرون في وجوههم المسدسات، ويسلمونهم لإحدى دوريات جيش الاحتلال المتواجدة في المكان لمساندتهم وتسهيل عملهم، ليصار نقل الشبان بعدها إلى السجون والمعتقلات.
يستخدم المستعربون سيارات عربية يستولون عليها، سواء سيارات حكومية أو عمومية أو شاحنات يعترضونها ليقوموا بأعمالهم الدنيئة من اغتيالات واعتقالات، حيث ينفذون اغتيالاتهم بمساندة قوات الاحتلال من دوريات أو قوارب أو طيران.
وتقوم الحكومات الصهيونية بإظهار دور المستعربين بأنه دفاعي بالرغم من أنهم يبادرون بالاقتحام والاغتيال، حيث استمرت نشاطهم في فترة ما يسمى "السلام"، ولا عجب في ذلك، فجيش الاحتلال يبني استراتيجيته على الهجوم دائما وبالرغم من ذلك يلقب نفسه بجيش الدفاع.
أما بالنسبة لتدريباتهم فلم تدخر حكومة الكيان الصهيوني أي جهد في هذا المجال, حيث شيد الجيش لهم قرية على نمط القرى الفلسطينية ليعيشوا فيها ويتدربوا على نمط الحياة الفلسطينية, وعادات وتقاليد أهل الضفة والقطاع, حتى لا يثيروا الشكوك أثناء تنفيذهم لعمليات الاغتيال والاختطاف.
كما يجيد أفراد المستعربين اللغة العربية واللهجات الفلسطينية, بالإضافة إلى أنهم مدربون جسديا وسيكولوجيا ليكونوا قتلة محترفين لا يترددون ولا ينتظرون أوامر لتنفيذ عمليات القتل أو الاغتيال.
تجلت أهم عملياتهم في المرحلة السابقة باغتيال عدد من قادة الجهاد الإسلامي بالإضافة إلى اختطاف خالد شاويش في رام الله.
وفي رفح تصف زوجة محمد القاضي الذي اختطف من أمام منزله على يد قوات المستعربين بأن العملية تمت وكأنها فلم هوليوودي. فالمستعربين ظهروا من العدم وهم يرتدون لباس التنفيذية, ويحملون أسلحة متطورة جدا.
وفي وقت سابق أدلى قائد وحدة المستعربين عوزي ليفي بتصريحات لصحيفة معاريف العبرية تحدث خلالها عن نشاط وحدته في ملاحقة أبناء الشعب الفلسطيني ونشطاء المقاومة.
ونقلت صحيفة "معاريف" عن قائد الوحدة قوله: "إنه قضى نحو ست سنوات في عمله قائدًا لتلك الوحدة في منطقة الضفة الغربية, حيث تم تحميلها النشاط الأساسي للجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية".
وادعى ليفي أن أفراد وحدته نجحوا خلال فترة رئاسته في تنفيذ نحو 1215 عملية" واعتقال 595 فلسطيني وقتل 123 وإصابة 109 فلسطينيين مقابل إصابة 13 من جنوده.

0 التعليقات:

إرسال تعليق


واجبنا تجاه الاقصى ...د. صلاح سلطان

الاقصى يستغيث

الاقصى يستغيث

الاقصى يستغيث

الاقصى يستغيث

دافع عن الاقصى

كشف المستور على الجزيره

كشف المستور على الجزيره

الجزيره كشف المستور عن الوثائق السريه

السلطة الفلسطينه تفاوض على ترك حى الشيخ جراح الملاصق للمسجد الاقصى