الأقصى ينادينا: معشر الأئمة والدعاة والمفكرين

.

الأقصى ينادينا: معشر الأئمة والدعاة والمفكرين

بقلم: د. صلاح الدين سلطان


أبدأ بقصتين مؤلمتين:

1- في ديسمبر سنة2001م، وبعد أحداث سبتمبر قرَّر الاتحاد الفلسطيني بأمريكا الاستمرار في إقامة مؤتمره السنوى الحاشد بمدينة "شيكاغو" عن القدس والأقصى وفلسطين، ووجَّه الدعوة إلى كثير من المحاضرين الدوريين وغيرهم؛ لكن الاستجابة كانت ضعيفة جدَّا؛ خوفًا من الغضب الأمريكي لا الإلهي!، ولما خابرني مدير الاتحاد آسفًا لهذا الخذلان، قلت له: رغم أني مدعو لمؤتمر إسلامي في السويد، وقطعت التذاكر لكني سوف ألبي دعوة القدس فهي أوجب؛ خاصة عندما يتخلَّى من كانوا يطلبون ويلحون على أعضاء الاتحاد أن يمكنوهم من كلمة في المؤتمر.


2- صليت الجمعة مرارًا في المسجدين الحرام والنبوي، وخرجت باكيًا معتذرًا إلى الله مما يفعله أئمتنا؛ لأن بعض خطبائنا لم ينسوا الدعاء للملك- ولا حرج- لكنهم نسوا ثالث الحرمين وأولى القبلتين ومسرى سيد الثقلين!!، وهو أحوج ما يكون إلى دعاء خالص في الحرمين، يُؤمِّن وراءهم ملايين المسلمين من بقاع الأرض لتبقى القضية ولو شبه حية في وجدان الأمة.

وإذا كان عندي من هذا الكثير؛ فإنني أحب أن أشهد الله على هذه القناعات والتساؤلات والواجبات.


الصورة غير متاحة

د. صلاح الدين سلطان


أولاً: القدس مسئولية مَنْ أولاً؟:

القدس مسئولية العلماء والأئمة والدعاة والمفكرين قبل غيرهم، ولا أبالغ إذا قلت: إن ما يجري في فلسطين وأهلها والقدس والمسجد والأقصى تقع مسئوليته أمام الله تعالى على الأئمة والدعاة والمفكرين قبل الحكام والمسئولين في عالمنا العربي والإسلامي، ذلكم لأن السلطان والقرآن قد افترقا بعد أن كان الخلفاء والأمراء والولاة علماء من حملة كتاب الله، ومن حفظة أحاديث رسول الله، ومن أصحاب الحَمية والغيرة على دين الله؛ لكن الواقع تحول وبقي الأئمة والدعاة والمفكرون يحملون هذا النور، ومن هنا تضاعفت مسئوليتهم، لكني أتساءل بلغة المحب المشفق على نفسه وعلى هذه الفئة التي اختصها الله بفقه النص والواقع: أين دورنا في مقاومة المحتل الصهيوني ونصرة القدس واستنقاذ الأسرى ونجدة إخواننا في فلسطين؟!

فإذا كان عدد الأئمة والخطباء والعلماء في بلادنا يزيدون عن مليون إمام وخطيب؛ فكم من هؤلاء يحرِّكون هذا الخمول وذاك الركود من خلال دروسهم وخطبهم؟!

وإذا كان الدعاة في هذه الأمة عشرات الملايين من كل الجماعات والمذاهب والتيارات فأين القدس وفلسطين في خطابهم الدعوي عبر الفضائيات، والمنتديات، والمحاضرات، والمؤتمرات، والمجالس؟!

وإذا كان الكُتَّاب في هذه الأمة أيضًا بالملايين في صحف وكتب ونشرات تصدر في الصباح وفي المساء، وفي المناسبات الدينية والأعياد الوطنية والقومية؛ فأين القدس في اهتمام هؤلاء؟!

إنني لا أعفي حكام المسلمين وأنظمتهم من هذا الاستسلام لأعداء السلام من الصهاينة المعتدين، كما لا أعفي عموم الأمة من المسئولية عن تحرير فلسطين والقدس والمسجد الأقصى؛ لكني بيقين أرى أن الأنظمة لا تتثبت، والشعوب لا تسكت إلا عندما يضعف أو ينعدم دور هذا الحلقة الجوهرية من الأئمة والدعاة والمفكرين، ومن هنا فإنني أريد أن أطرح هذه الأسئلة لهذا الفئة بشكل خاص عسى أن تحرك قلوبًا مسَّها الإيمان مسًّا رقيقًا أو عميقًا، أو تحرِّك عقولاً أنهكها الجهد وراء لقمة العيش؛ لتتحرر كما قال الشاعر:

لا تسقني ماء الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل


وأهم هذا الأسئلة المطروحة ما يلي:

1- هل نسخت معاهدات السلام آيات الجهاد حتى لم نعد نسمع- إلا ما ندر- إمامًا يصلي في الصلوات الجهرية أو في الجمعة بالآيات التي تتحدث عن الجهاد أو بني إسرائيل وفسادهم وإفسادهم في الأرض، مع أنكم كنتم تردِّدون هذه الآيات قبل معاهدات السلام فحفظناها من أفواهكم: ﴿لعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78)﴾ (المائدة)؟!


2- ماذا سنقول لله عز وجل عن الآية: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187)﴾ (آل عمران)، عندما تحدَّث القرآن في خمسين سورة عن بني إسرائيل، ثم خلت الدروس والخطب والمقالات من إشارة عن بعض ما جاء في هذا الكتاب العظيم؟!!.


3- ماذا سنقول لله عز وجل عن كتمان هذا الزيف الصهيوني الذي تعرفونه جيدًا من خلال تلمودهم المحرف الذي يُدرَّس مثل الفيزياء واللغات في المدارس للأطفال، وحذفنا نحن آيات الجهاد من مناهجنا، وظل التلمود يُدرَّس في كل المراحل لدى الكيان الصهيوني المحتل؟!! ومن الأمثلة للتذكير لا للتأسيس على هذا الزيف في التلمود ما يلي:

- "أن الله يلطم كل يوم ويلعن نفسه أنه شتَّت بني إسرائيل في الأرض".

- "أن الله دخل في معركة مع النبي إسرائيل ونجى من الموت بأعجوبة".

- "أنه لا شغل لله في الليل غير تعليمه التلمود مع الملائكة".

- وجاء في التلمود كذلك: "إن آدم عاشر شيطانة اسمها لِيليا عشرة زوجية مائة وثلاثين سنة، وقد أنجبت له شياطين وأقزامًا، وأما حواء فقد عاشرت شيطانًا مائة وثلاثين سنة معاشرة زوجية، وأنجبت للشيطان ذرية".

- وجاء في التلمود أيضًا أن ابنتي لوط قالتا: "لم يعد في الأرض رجال نتضجع معهم، فهيا نسقي أبانا خمرًا ثم نتضجع معه؛ ففعلتا".

- ويقول التلمود اللَعين عن المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام: "يسوع الناصري ابن غير شرعي حملته أمه وهي حائض سفاحًا من العسكري (بانذار)؛ وهو كذاب ومجنون ومضلل وساحر ومشعوذ ووثني ومخبول.... وأنه مات كبهيمة ودفن في كومة قمامة".

- "أن من ضرب إسرائيليًّا فكأنما ضرب العزة الإلهية".

- "اليهودي لا يخطئ إذا اعتدى على عرض الأجنبية؛ لأن المرأة غير اليهودية بهيمة ولا تعاقد مع البهائم".

- "وجاء في التلمود أيضًا: "يحل اغتصاب الطفلة غير اليهودية متى بلغت من العمر ثلاث سنوات، فقد وهب الله- وحاشا لله- اليهود حق السيطرة والتصرف بدماء جميع الشعوب وما ملكت".

- ومن أقبح ما جاء في التلمود قولهم: "من رأى أنه يجامع أمه فسيؤتى الحكمة، ومن رأى أنه يجامع أخته فسيؤتى نور العقل".

- "إذا وقع أحد الوثنيين في حفرة فيلزمك أن تسدها بحجر".

- "أن من يقتل مسيحيًّا أو أجنبيًّا أو وثنيًّا يكافأ بالخلود في الفردوس والجلوس هناك في السراي الرابعة، أما من قتل يهوديًّا فكأنه قتل العالم أجمع".

- "أن تعاليم الحاخامات لا يمكن نقضها ولا تغييرها حتى بأمر الله".

هل يمكن أن يكون هناك أفدح وأسوأ وأحقر من أن تكون هذه عقيدة قوم نسكت عنهم فيفعلون بإخواننا الأفاعيل، ويزيفون معالم القدس والأقصى.


4- أين مؤتمر حكماء الأمة من المفكِّرين والعلماء والأئمة ليعقد في المدينة المنورة أو مكة المكرمة أو أية عاصمة إسلامية؛ ليواجه مؤتمر سفهاء بني صهيون الذي انعقد منذ 1897م، ووضع خطة محكمة لاغتصاب فلسطين، وإذلال العرب والمسلمين، ثم حولوا الحلم إلى واقع، بينما نحن نهرول إلى مفاوضات السلام، وتنتفخ أوداجنا وتحبَّر صحائفنا، ونهرول إلى الفنادق كي نؤكد أننا دعاة سلام وتعايش مع الآخر حتى لو رُكلنا بالأقدام، واغتصبت القدس وفلسطين، ووضعت المصاحف في دورات المياه تُمسح به أدبارهم، ورسم الرسول عليه السلام في صورة خنزير يقف على صفحة من القرآن الكريم، ومع هذا نتسوَّل السلام منهم! ونتوسل إلى مسانديهم من الأمريكان والأوربيين، ونستجدي شفاعتهم أن يخففوا وطأتهم علينا؟!

5- لماذا لا نلحُّ على الناس بخطر تهويد القدس، وتهجير ستة ملايين فلسطيني من أبناء الأرض، وقد سوى القرآن بين القتل والإخراج من الديار، مما حوَّل المغتصبين إلى سيطرة فعلية على أكثر من 90% من أرضها، والفلسطينيون في علب غير آمنة تحت إشراف أعدائهم؟!

6- ماذا ستقولون أيها الدعاة والأئمة والعلماء والمفكرون إذا سألكم الله تعالى عن دماء وأشلاء إخواننا وأخواتنا وأطفالنا في فلسطين عامة وفي غزة خاصة؟! هل نسيتم أن حرمة المسلم أشد عند الله من حرمة الكعبة؟! وماذا ستقولون عن 10 آلاف أسير في السجون الصهيونية، وقد قال الإمام مالك: " لو وجد أسير واحد لدى أعدائنا؛ فيجب فداؤه ولو استغرق ذلك أموال المسلمين جميعًا"، وإذا كان أسير واحد يهودي "جلعاد شاليط" الآن تُقام الدنيا لأجله، ألا تكون لدينا بقية من خجل أننا نسينا هذه الأعداد بالجملة؟!.

7- هل يستطيع أحدنا أن يكون له قلب ينبض، وعقل يفكر، وهو يمر على آيات سورة الإسراء: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ (الإسراء: من الآية 1)، وقوله تعالى: ﴿الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ﴾ (الأنبياء: من الآية 71)، دون أن نسأل أنفسنا: ماذا فعلنا للقدس الأسير والمسجد الأقصى الجريح؟!
إن صدقنا الله؛ فإن السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا عسانا أن نفعل؟، وهذا ما سأطرحه فيما يلي:


ثانيًا: واجبات عملية:

1- تحويل قضية القدس من قضية تشغل النخبة إلى قضية تهم الأمة بالإلحاح المستمر المتعدد الوجوه في الدروس والخطب والمحاضرات والفضائيات، ليس كما يفعل الصهاينة كمشروع سياسي، بل نتجاوزه ليتوازى مع حجم القضية في القرآن والسنة والتاريخ والواقع كفريضة شرعية وضرورة حياتية.

2- إعلان شعار: (القدس والأقصى قبل بيتي الذي أسكن فيه).

3- حث الأمة على قبول مبدأ التضحية لتحرير الأقصى وفلسطين، وليس التسوية التي تمت فيها التضحية بالقضية.

4- الشعور الحي الحار بالمسئولية عن كل ما يجري في فلسطين، واستحداث أنشطة تناسب كل الأعمار "من الطفولة إلى الشيخوخة"، تجعل القضية حية في عقل ووجدان الجميع.

5- الدعوة إلى أن يفطر أبناء الأمة يومًا واحدًا كل رمضان على الخبز والزعتر، والتصدق بثمن الوجبة المعتادة لإخواننا المحاصرين حراس القدس والأقصى وفلسطين.

6- أدعو شيوخنا ومفكرينا إلى الاجتهاد في أمر يشغلني من أجل القدس والأقصى وفلسطين وهو: "هل يمكن أن يتبنى العلماء والأئمة فتوى بوقف الحج والعمرة إلى الحرمين حتى يتحرر الأقصى؟!"؛ لأن الحج واجب على التراخي وتحرير القدس وفلسطين واجب على الفور، ولا شك أن الطبيب يؤخر الصلاة حتى لو خرج وقتها لإنقاذ مصاب يوشك على الموت، بالإضافة إلى أن تكرار الحج والعمرة من النوافل التي تصدق فيها القاعدة "إن الله لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة".


7- أرجو أن يتذكر أئمتنا وشيوخنا ومفكرونا قول الشاعر:

ولا تكتب بخطك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه

وقول الشاعر:

إن الشجاعة في القلوب كثيرة ورأيت شجعان العقول قليلا

فأعلِنوا ما يدور في أعماق الصدور والعقول؛ كي يسمعنا العالم، ونحرك الواقع من أمة راكدة إلى أمة رائدة.


8- أختم بهذه القصيدة التي كتبها من مخاض المعاناة اليومية الشاعر الفلسطيني د. عبد الغني التميمي، رئيس رابطة علماء فلسطين في الخارج:

أعيرونا مدافعَكُمْ ليومٍ... لا مدامعَكُمْ

أعيرونا وظلُّوا في مواقعكُمْ

بني الإسلام! ما زالت مواجعَنا مواجعُكُمْ

مصارعَنا مصارعُكُمْ

إذا ما أغرق الطوفان شارعنا

سيغرق منه شارعُكُمْ

يشق صراخنا الآفاق من وجعٍ

فأين تُرى مسامعُكُمْ؟!

******

ألسنا إخوةً في الدين قد كنا.. وما زلنا

فهل هُنتم، وهل هُنّا

أنصرخ نحن من ألمٍ ويصرخ بعضكم: دعنا؟

أيُعجبكم إذا ضعنا؟

أيُسعدكم إذا جُعنا؟

وما معنى بأن "قلوبكم معنا"؟

لنا نسبٌ بكم- والله- فوق حدودِ

هذي الأرض يرفعنا

وإنّ لنا بكم رحمًا

أنقطعها وتقطعنا؟!

معاذ الله! إن خلائق الإسلام

تمنعكم وتمنعنا

ألسنا يا بني الإسلام إخوتكم؟!

أليس مظلة التوحيد تجمعنا؟!

أعيرونا مدافعَكُمْ

رأينا الدمع لا يشفي لنا صدرًا

ولا يُبري لنا جُرحًا

أعيرونا رصاصًا يخرق الأجسام

لا نحتاج لا رزًّا ولا قمحًا

تعيش خيامنا الأيام

لا تقتات إلا الخبز والملحا

فليس الجوع يرهبنا ألا مرحى له مرحى

بكفٍّ من عتيق التمر ندفعه

ونكبح شره كبحا

أعيرونا وكفوا عن بغيض النصح بالتسليم

نمقت ذلك النصحا

أعيرونا ولو شبرًا نمر عليه للأقصى

أتنتظرون أن يُمحى وجود المسجد الأقصى

وأن نُمحى

أعيرونا وخلوا الشجب واستحيوا

سئمنا الشجب و(الردحا)

******

أخي في الله أخبرني متى تغضبْ؟

إذا انتهكت محارمنا

إذا نُسفت معالمنا ولم تغضبْ

إذا قُتلت شهامتنا إذا ديست كرامتنا

إذا قامت قيامتنا ولم تغضبْ

فأخبرني متى تغضبْ؟

إذا نُهبت مواردنا.. إذا نكبت معاهدنا

إذا هُدمت مساجدنا وظل المسجد الأقصى

وظلت قدسنا تُغصبْ

ولم تغضبْ

فأخبرني متى تغضبْ؟

عدوي أو عدوك يهتك الأعراض

يعبث في دمي لعبًا

وأنت تراقب الملعبْ

إذًا لله، للحرمات، للإسلام لم تغضبْ

فأخبرني متى تغضبْ؟!

رأيتَ هناك أهوالا

رأيتَ الدم شلالا

عجائز شيَّعت للموت أطفالا

رأيتَ القهر ألوانًا وأشكالا

ولم تغضبْ

فأخبرني متى تغضبْ؟

وتجلس كالدمى الخرساء بطنك يملأ المكتبْ

تبيت تقدس الأرقام كالأصنام فوق ملفّها تنكبْ

رأيت الموت فوق رؤوسنا ينصب

ولم تغضبْ

فصارحني بلا خجلٍ لأية أمة تُنسبْ؟!

إذا لم يُحْيِ فيك الثأرَ ما نلقى

فلا تتعبْ

فلست لنا ولا منا ولست لعالم الإنسان منسوبا

فعش أرنبْ ومُت أرنبْ

ألم يحزنك ما تلقاه أمتنا من الذلِّ

ألم يخجلك ما تجنيه من مستنقع الحلِّ

وما تلقاه في دوامة الإرهاب والقتل ِ

ألم يغضبك هذا الواقع المعجون بالهول ِ

وتغضب عند نقص الملح في الأكلِ!!

******

ألم تنظر إلى الأحجار في كفيَّ تنتفضُ

ألم تنظر إلى الأركان في الأقصى

بفأسِ القهر تُنتقضُ

ألست تتابع الأخبار؟ حيٌّ أنت!

أم يشتد في أعماقك المرضُ

أتخشى أن يقال يشجع الإرهاب

أو يشكو ويعترضُ

ومن تخشى؟!

هو الله الذي يُخشى

هو الله الذي يُحيي

هو الله الذي يحمي

وما ترمي إذا ترمي

هو الله الذي يرمي

وأهل الأرض كل الأرض لا والله

ما ضروا ولا نفعوا، ولا رفعوا ولا خفضوا

فما لاقيته في الله لا تحفِل

إذا سخطوا له ورضوا

ألم تنظر إلى الأطفال في الأقصى

عمالقةً قد انتفضوا

تقول: أرى على مضضٍ

وماذا ينفع المضضُ؟!

أتنهض طفلة العامين غاضبة

وصُنَّاع القرار اليوم لا غضبوا ولا نهضوا؟!

******

ألم يهززك منظر طفلة ملأت

مواضع جسمها الحفرُ

ولا أبكاك ذاك الطفل في هلعٍ

بظهر أبيه يستترُ

فما رحموا استغاثته

ولا اكترثوا ولا شعروا

فخرّ لوجهه ميْتًا

وخرّ أبوه يُحتضرُ

متى يُستل هذا الجبن من جنبَيْك والخورُ؟

متى التوحيد في جنبَيْك ينتصرُ؟

متى بركانك الغضبيُّ للإسلام ينفجرُ

فلا يُبقي ولا يذرُ؟

أتبقى دائمًا من أجل لقمة عيشكَ

المغموسِ بالإذلال تعتذرُ؟

متى من هذه الأحداث تعتبرُ؟

وقالوا: الحرب كارثةٌ

تريد الحرب إعدادًا

وأسلحةً وقوادًا وأجنادًا

وتأييد القوى العظمى

فتلك الحرب، أنتم تحسبون الحرب

أحجارًا وأولادًا؟

نقول لهم: وما أعددْتُمُ للحرب من زمنٍ

أألحانًا وطبّالاً وعوّادًا؟

سجونًا تأكل الأوطان في نهمٍ

جماعاتٍ وأفرادًا؟

حدودًا تحرس المحتل توقد بيننا

الأحقاد إيقادًا

وما أعددتم للحرب من زمنٍ

أما تدعونه فنًّا؟

أأفواجًا من اللاهين ممن غرّبوا عنّا؟

أأسلحة، ولا إذنًا

بيانات مكررة بلا معنى؟

كأن الخمس والخمسين لا تكفي

لنصبر بعدها قرنًا!

أخي في الله! تكفي هذه الكُرَبُ

رأيت براءة الأطفال كيف يهزها الغضبُ

وربات الخدور رأيتها بالدمّ تختضبُ

رأيت سواريَ الأقصى كالأطفال تنتحبُ

وتُهتك حولك الأعراض في صلفٍ

وتجلس أنت ترتقبُ

ويزحف نحوك الطاعون والجربُ

أما يكفيك بل يخزيك هذا اللهو واللعبُ؟

وقالوا: كلنا عربٌ

سلام أيها العربُ!

شعارات مفرغة فأين دعاتها ذهبوا

وأين سيوفها الخَشَبُ؟

شعارات قد اتَّجروا بها دهرا

أما تعبوا؟

وكم رقصت حناجرهم

فما أغنت حناجرهم ولا الخطبُ

فلا تأبه بما خطبوا

ولا تأبه بما شجبوا

******

متى يا أيها الجنديُّ تطلق نارك الحمما؟

متى يا أيها الجنديُّ تروي للصدور ظما؟

متى نلقاك في الأقصى لدين الله منتقما؟

متى يا أيها الإعـلام من غضب تبث دما؟

عقول الجيل قد سقمت

فلم تترك لها قيمًا ولا همما

أتبقى هذه الأبواق يُحشى سمها دسما؟

دعونا من شعاراتٍ مصهينة

وأحجار من الشطرنج تمليها

لنا ودُمى

تترجمها حروف هو أننا قمما

******

أخي في الله قد فتكت بنا علل

ولكن صرخة التكبير تشفي هذه العللا

فأصغ لها تجلجل في نواحي الأرض

ما تركت بها سهلاً ولا جبلا

تجوز حدودنا عجْلى

وتعبر عنوة دولا

تقضُّ مضاجع الغافين

تحرق أعين الجهلا

فلا نامت عيون الجُبْنِ

والدخلاءِ والعُمَلا

******

وقالوا: الموت يخطفكم وما عرفوا

بأن الموت أمنية بها مولودنا احتفلا

وأن الموت في شرف نطير له إذا نزلا

ونُتبعه دموع الشوق إن رحلا

فقل للخائف الرعديد إن الجبن

لن يمدد له أجلا

وذرنا نحن أهل الموت ما عرفت

لنا الأيام من أخطاره وجلا

"هلا" بالموت للإسلام في الأقصى

وألف هلا

وإذا كانت هذه آهات ونداءات الشاعر المحدث الفلسطيني د. عبد الغني التميمي؛ فيجيبه هذا الشاعر الأزهري الفقيه المقدام د. محمود داود أستاذ السياسة الشرعية بجامعتي الأزهر والبحرين بقوله:

خذ من دمي

نصرة للأقصى المبارك

خذ من دمي واكتب بأشلاء اليد

واكتب بأن دماءنا وحياتنا

واعلم بأنا من سلالة خالد

نتعلم الإقدام في أرحامنا

وإذا دعينا للشهادة عزة

إذ أنها فقدت رجالاً في الوغى

لا يعلم السيف الأشم بأننا

خذ من دمي واكتب بأن سلاحنا

الرمي نعلمه ونحن أجنة

أغنتنا ساحات البطون فعندنا

وإذا عبدنا الله في أرحامنا

ويلذ أنا قد نكون كتيبة

نجرى ونستبق الطريق إلى العلا

أن التفاوض لا يرد المعتدي

نفدي بها مسرى النبي "محمد"

نأتي إلى الدنيا ودرعًا نرتدي

فإذا دعتنا الحرب لم نتردد

دمعت سيوف الحق عند المشهد

أمثالهم بين الورى لم يوجد

دومًا نطير إلى الحبيب ونقتدي

سيشق للأعداء سوء المرقد

ونقوم بالتدريب قبل المولد

فاقت فساح البطن ساح المعهد

تغدو بطون الأمهات كمسجد

في بطن أم نرتوي بالسؤدد

نشتاق للأقصى ويوم المورد

فينا المجند عالمًا ومعلما

ويكون للأقصى أداة حماية

******

خذ من دمى واكتب بأشلاء اليد

المسجد الأقصى سيعلم أننا

دوما أولي بأس شديد كلما

وإذا تعود إلى التمرد عصبة

ويعود إن شد الرضيع على العدا

نحن الذين لبطن "غزة " ننتمي

نحن الكتائب في ميادين الشرى

نحن الذين على طريق محمد

ولقد فعلنا في صفوف عدونا

فى حرب " غزة " قد أتينا بالذي

جاءوا على عجل لنسقط في الورى

******

خذ من دمي واكتب بأشلاء اليد

وطريق أقصانا طريق "هنية"

وطريق "عباس" عليه كتيبة

"عباس" قد عبست بكم أيامكم

وكشفت عن وجه لئيم ماكر

بعت الدماء وبعت كل مطهر

بعت الجراح وبعت نزف جنودنا

بعت النفوس ودست في أشلائها

تقرير "جولدستون" سيبقى وصمة

سيظل ذكرك خائنًا متبلدًا

يا لعنة ضمي بقعر جهنم

ليقوم في الدنيا بدور المرشد

وطريق عز بل وأعظم منجد

******

أن الجهاد سبيل كل موحد

نحن العباد وقد بعثنا للغد

حمى الوطيس نسل كل مهند

عدنا لها.. والعود للمتمرد

في كل ثانية بيوم أسود

نحن الحماس ونحن كل مجدد

نأتي نجر النصر في راح اليد

لا نرتضي ذلاًّ يمس المهتدي

مما يذل النفس كل معقد

جن العقول وصد كل مسدد

فإذا السقوط لهم بذات الموعد

******

أن الجهاد سبيلنا يا سيدي

وطريق "عباس" طريق الملحد

يأوي لها في الشر كل مجود

فأتت بظلم للبواسل مجهد

مستقبح ويخون كل تعهد

بيعًا بلا ثمن بغير تردد

واليتم بعت لهم ولم تتجلد

بعد البلاد سدى ولم تتشدد

عار لكم... عار لكل مقلد

يا لعنة للخائن المتبلد

عمدًا يهوديًّا على متهود

0 التعليقات:

إرسال تعليق


واجبنا تجاه الاقصى ...د. صلاح سلطان

الاقصى يستغيث

الاقصى يستغيث

الاقصى يستغيث

الاقصى يستغيث

دافع عن الاقصى

كشف المستور على الجزيره

كشف المستور على الجزيره

الجزيره كشف المستور عن الوثائق السريه

السلطة الفلسطينه تفاوض على ترك حى الشيخ جراح الملاصق للمسجد الاقصى