الفلسطينيون يشكلون اليوم 19% فقط من إجمالي سكان القدس
المصدر: خاص بموقع مدينة القدس الأربعاء 31 آذار 2010 3:11 مساءً
قال المهندس خالد أبو عرفة وزير شؤون القدس السابق أنه لم يعد باستطاعة المواطنين المقدسيين متابعة ما يجري حولهم من ثورة مُدمّرة من التغيير والتهويد والهدم والتزوير لكافة مناحي الحياة المقدسية، وما يتعلق بالحجر والبشر والمقدسات على أيدي سلطات الاحتلال الصهيوني .
وأضاف، في تصريحات صحفية، وصل "موقع مدينة القدس" نسخة منها اليوم: "لقد أصبحت الملفات اليومية لكل ما يحدث أكبر من طاقتنا في المتابعة؛ ففي الوقت الذي صدمنا فيه بموضوع افتتاح كنيس الخراب كانت هناك أخبار تتحدث عن كنيسين كبيرين آخرين سيفتتحان قريباً، وفي آخر النهار تابعنا أخبار نية الاحتلال بناء 50 ألف وحدة استيطانية خلال السنوات القليلة القادمة، بينما يجري فعلاً الشروع ببناء ثلاث بؤر استيطانية في حي المفتي بالقرب من حي الشيخ جراح، وهكذا دواليك" .
وأورد م. أبو عرفة بعضاً من الملاحظات على افتتاح "كنيس الخراب" أهمها أن الكنيس كغيره من نشاطات الكيان الصهيوني دولة ومؤسسات واستيطان، ما قام إلا على أرض وقفية إسلامية، سُلبت من أصحابها المقدسيين قهراً وظلماً، بالرغم من توفر كافة الوثائق والمستندات الفلسطينية والأردنية والتركية والدولية التي تشهد لصالح أحقية أهلها المسلمين في ملكيتها. ثم أن الاحتلال قصد من افتتاحه دوام التحدي الحضاري مع العرب والمسلمين، وانتحالٍ للهوية التلمودية الزائفة؛ فهم يتحدوننا في قلب مدينتنا القدس، مسرى رسولنا صلى الله عليه وسلم ومعراجه، إنهم يشوهون الصورة القدسية للمدينة، وسيكتمل التشويه مع تمام بناء سبعة قباب عملاقة حول الأقصى وكنيسة القيامة، ليكون المشهد العام للمدينة تراثاً تلمودياً بقوة الجرافات وبسلطة " قانون القوة " لا قوة وعدالة القانون !
وتابع م. أبو عرفة سرد ملاحظاته، وقال: "أراد الاحتلال من افتتاح كنيس الخراب التأكيد للعرب والمسلمين وقادتهم على " فوات أوان الحديث " حول القدس وفوات التفاوض بشأنها، وأن القدس قد تهودت فعلاً، وأصبح المستوطنون فيها اليوم ضعف مواطنيها العرب..!. كما أن الإعلان عن افتتاح الكنيس جاء ضمن رزمة من إجراءات وانتهاكات الاحتلال التي يحرص على حشدها كل شهر أو شهرين ليتمكن من خلالها فرض أجواء الحصار والمنع والسيطرة على البلدة القديمة والمسجد الأقصى والأحياء المحيطة، وذلك بقصد التدريب الشهري لقوات الاحتلال من جهة ولتقليص التواجد العربي تقليصاً جوهرياً من جهة أخرى" .
ووضح أن المؤسسة الصهيونية الرسمية؛ حكومة واحتلال، لا تخطط لهدم المسجد الأقصى عياناً وبشكل مباشر ومكشوف، إذ أن ذلك قد يصادف صحوة إسلامية واعية تسبب للكيان من المخاطر ما لا يستطيع الاحتلال دفعه وتفاديه، وقد تقوم عصابات من المستوطنين بهدم الأقصى أو أجزاء منه حقداً منها وحنقاً، خاصة وأنها سبق فعلاً وأن حاولت مراراً إدخال المتفجرات إلى باحة المسجد الأقصى لغرض تفجيره لكن الله سلم، ورد كيدهم إلى نحورهم".
إلاّ أنه أضاف "أن سلطات الاحتلال تنتهج اليوم ثلاثة مسالك: الأول: تقليص عدد المصلين في المسجد الأقصى والقادمين لزيارته؛ فبعد أن كان يرتاده عشرات الآلاف أيام الجمع، ومئات الآلاف في شهر رمضان والأعياد فقد بات هذا العدد لا يتعدى الـ 15 ألفاً، حيث منعت سلطات الاحتلال أهلنا من الضفة الغربية وقطاع غزة من الوصول إليه والصلاة فيه" .
الثاني: سيطرت السلطات هذه الأيام على كل ما يتعلق بالمسجد واعتدت على كافة صلاحيات الأوقاف الإسلامية، من حيث إدارة الدخول إلى المسجد والخروج منه، ومن حيث خدمته وصيانته، أو من حيث الإشراف على علاقات المؤسسة الوقفية واهتماماتها. فبات ليس من الممكن لموظف في الأوقاف أن يتقدم لتبديل لامبة للإضاءة تالفة بأخرى صالحة أو يد لهذا الباب أو ذاك حتى أصبح الزائر والمصلي في المسجد يتساءل:هل فعلاً أنا في بيت الله، أم في كنيس تابع للشرطة؟..!.
الثالث: تحرص سلطات الاحتلال أن يظل التواجد اليهودي متواصلاً في ساحات المسجد وعلى أبوابه بدءاً بعناصر الشرطة والأمن الصهيوني والشخصيات اليهودية الرسمية وانتهاء بالمستوطنين والحاخامات، وبشكل استفزازي وسافر، بحيث يحصل يومياً تطور وتقدم في التواجد اليهودي، وبأسلوب يزاحم الوجود الإسلامي، بقصد الوصول إلى أمر واقع يرافقه لوازم الصلاة التلمودية وأنصابها والكنس المتحركة التي يحتاجونها . وإنما هي مسألة وقت لنرى ذلك عياناً وبشكل صارخ ، حيث أن الظروف قد نضجت كما يبدو وتهيأت مع كل أسف لتحقق هذه الكارثة وهذا التدنيس .
ولفت إلى أن مدينة القدس هاجمها الاستيطان منذ اقتحمتها الآليات العسكرية الصهيونية واحتلتها عام 1967. وعلى الفور بدأت سلطات الاحتلال بتنفيذ مخططات الاستيطان العاجل ، وشيئاً فشيئا ومع تحويل أراضي القدس الشرقية إلى مساحات يمنع البناء فيها صار الاستيطان يتقدم على شكل بؤر صغيرة، تحتل قمم الجبال، لتتحول سريعاً إلى مستوطنات كاملة الجاهزية .
وأكد "أن الهجمة الاستيطانية ليست وليدة الأمس، وعندما أعلنت بلدية الاحتلال قبل أيام عن مخطط بناء 50 ألف وحدة استيطانية للأعوام القادمة .. كان هذا الرقم يماثل ما تم بناؤه فعلاً ما بعد العام 1967 إلى يومنا هذا . بحيث بات عدد المستوطنين في القدس الشرقية يزيد عن 250 ألف مستوطن مقابل 150 ألف مقدسي، هم عدد العرب في القدس اليوم، وليس 270 ألفاً كما يظن البعض بعدما تسبب الجدار العنصري بعزل 120 ألفاً خارج المدينة جملة واحدة".
وقال "إن نسبة المقدسيين العرب إلى المجموع العام لسكان المدينة عرباً ويهوداً شرقيها وغربها هي 19% فقط وليس 35% كما لا يزال يظن البعض".
وتابع قائلاً: "ولكن الهجمة الاستيطانية الأخيرة لها أهدافها الخاصة بها حيث أعلنت بلدية الاحتلال عن العديد من العطاءات الاستيطانية ومنها : 549 وحدة استيطانية في بيت صفافا جنوب القدس ، و600 وحدة شمالها بين مستوطنتي "نيفي يعقوب وبزغات زئيف" ، و1600 وحدة وسط القدس غربي شعفاط ، و2000 وحدة أخرى على أراضي العيسوية وعناتا، وكانت كذلك قد أعلنت عن مخطط أولي لبناء 50 ألف وحدة للأعوام القليلة القادمة، فضلاً عن إحدى عشر حديقة تلمودية تم إقرارها بحيث تزرع بين الأحياء العربية لتمنع توسعها".
وأجمل م. أبو عرفة أهداف هذه الهجمة الاستيطانية في عدة نقاط هي:
أولاً : قطع الطريق أمام الحلول المجتزأة الهزيلة، ومنها ما سمي بحل كلينتون لمدينة القدس، وكان الرئيس الأمريكي السابق كلينتون قد اقترح بإعطاء الفلسطينيين إدارة الأحياء التي يسكنها العرب بنسبة 100% إدارة محلية، وما سوى ذلك يعود لليهود!!
ثانياً: منع الفلسطينيين من بناء أية وحدة بناء جديدة، وبالتالي هجرة الزائد من السكان المقدسيين خارج القدس تلقائياً.
ثالثاً: إحباط الفلسطينيين شعباً وحكومة ومؤسسات تجاه التعلق بأي صيغة للقدس كعاصمة للدولة الفلسطينية المنشودة ، والشروع بدلاً من ذلك باتخاذ رام الله أو أبوديس عاصمة لهذه الدولة . ومن ثم إيهام العرب والمسلمين أنه قد فات الأوان على استرجاع مدينة القدس، فقد تهودت بالفعل وأصبح المقدسيون أقلية بسيطة حتى في شرقي المدينة، وباتوا لا وزن لهم ولا اعتبار .
وطالب وزير القدس السابق الأمة العربية والإسلامية بأن "تظل أعينهم على مسرى نبيهم في ذات الوقت الذي يعملون فيه على رفعة شؤونهم وتنمية بلادهم، وأن ينشئوا أطفالهم على حب القدس والأقصى، وألا تفارق أخبارهما وأحوالهما مساقات الطلبة في الجامعات، وأن تجعل المؤسسات المدنية والنقابات المختلفة من هم القدس والأقصى هماً شعبياً يومياً".
وطالب النخب العليا في مجتمعاتنا العربية والإسلامية: مفكرين وعلماء وأحزاب "أن يتقاسموا فيما بينهم جهود العمل لخدمة القضية عامة والقدس والأقصى خاصة، وأن يجعلوا أعمالهم ونشاطاتهم تدور حول محاور أهمها: إدامة حركة الاحتجاج الشعبي اليومي وعلى كل الصّعد والميادين، بحيث يصبح الاحتجاج وظيفة يومية تتناوب عليها فئات الشعب وشرائحه. وإحياء فقه المقاطعة الشاملة لكل ما يمكن أن يتصل بشكل أو بآخر بالكيان الصهيوني وعلى كافة المستويات والمجالات. ومقاطعة المؤسسات والشركات التي لا تزال تستثمر أموالها مع الكيان في فلسطين أو خارجها. ورفع كافة أشكال الدعاوى الحقوقية والمظالم الإنسانية على دولة الكيان ومؤسساتها المباشرة وغير المباشرة لدى كافة الجهات والمؤسسات القانونية الدولية .
وخاطب المواطنين المقدسيين قائلاً: "هنيئاً للذي اختاركم الله له واصطفاكم إليه من رباط وصمود بالقرب من بيته المبارك، حتى أن الواحد منكم يأتي المسجد الأقصى فيمنع من الدخول "فتدركه الصلاة" وهو على أبواب السور فيكبر للصلاة ويفترش الأرض للسجود! فيتحقق فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي رواه أبو ذر رضي الله عنه حيث قال: قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: "المسجد الحرام"، قلت ثم أي؟ قال "المسجد الأقصى"، قلت كم بينهما؟ قال "أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصل فإن الفضل فيه، فأي كرامة لكم وأنتم تُمنعون من دخول مسجدكم؟ ثم تأتي آيات الله لتشهد لكم على الظالمين الذين سعوا في بناء كنيس الخراب وسعوا في خرابِ أحسن البناء "مسجد الله الأقصى" وإن أهلنا في بيت المقدس وفي الأرض المحتلة عام 1948 هم الرمح الأخير في كنانة المسلمين، وهم ملح الأرض وبعض من الطائفة المنصورة، ولن يخذلهم الله. وما عليهم إلا أن ينصروا الله وأن يتكاتفوا فيما بينهم ويتراحموا وأن يتشبثوا بحقوقهم وأراضيهم ومنازلهم، فعسى أن يكون الفرج قريباً"
0 التعليقات:
إرسال تعليق