كلمة القائد إسماعيل هنية فى الذكرى 22 للإنطلاقة
اثنان وعشرون عاما ...\'حماس\' مثلت الشوكة في حلق التسوية والاحتلال
2009-12-14
اثنان وعشرون عاماً على انطلاقة أنبل ظاهرة أنجبتها الثورة الفلسطينية، حركة تمسكت بالثوابت الفلسطينية في وقت تنازل عنها الآخرون، حركة حملت هموم الشعب الفلسطيني الذي أثقلته الجراح والأحزان، وحملت كذلك على عاتقها تحرير الأرض والإنسان الفلسطيني من الاحتلال الصهيوني البغيض، وحملت على عاتقها التصدي للمشروع الصهيوني المدعوم من قبل قوى الاستعمار الحديث، إنها حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
الصحوة الإسلامية بعد ترهل منظمة التحرير
لقد شهد العالم وفلسطين على وجه الخصوص تطوراً واضحاً وملحوظاً في نمو وانتشار الصحوة الإسلامية كغيرها من الأقطار العربية، الأمر الذي جعل الحركة الإسلامية تنمو وتتطور فكرة وتنظيماً، خاصة بعد حالة الضعف والترهل التي شهدتها منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة بعد أطروحات التسوية التي كانت تنادي بالتنازل عن قواعد أساسية في الصراع مع المشروع الصهيوني، من حيث منح الكيان الصهيوني الاعتراف بحقه في الوجود فوق أرض فلسطين المباركة، والتنازل للصهاينة عن جزء من فلسطين، بل عن الجزء الأكبر منها، وفي مثل هذه الظروف التي تراجعت إستراتيجية الكفاح المسلح فيها، وكذلك تراجع الاهتمام العربي والدولي بالقضية الفلسطينية.
دعوة لانطلاق أنبل ظاهرة أنجبتها الثورة
كل هذه التطورات الخطيرة كانت تدعو لانطلاق حركة إسلامية نبيلة قادرة على هموم الوطن والمواطن، والتصدي للمشروع الصهيوني، حيث أنه ومع نهايات عام 1987 كانت الظروف قد نضجت بما فيه الكفاية لبروز مشروع إسلامي جديد يواجه المشروع الصهيوني وامتداداته ويقوم على أسس جديدة تتناسب مع التحولات الداخلية والخارجية، فانطلقت الحركة المباركة، حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، لتعبر بشكل عملي عن تفاعل هذه العوامل، ولتكون نبراساً للفلسطينيين في الوطن والشتات، ولتكون كذلك شوكة في حلق الاحتلال الصهيوني ووقف التمدد الاستيطاني للعدو وقطع الطريق على كافة مشاريع تصفية القضية الفلسطينية، وإنهاء عملية التنازل عن أرض فلسطين لليهود الصهاينة.
العدو قلق بعد انطلاق "حماس"
قلق بدأ يدب في أوكار العدو الصهيوني بسبب انطلاق حركة "حماس" المجاهدة، لقد باتت أحلام الصهاينة تحت تهديد المقاومة الإسلامية بقيادة حركة "حماس"، فأثار بروز الحركة خوف لدى العدو الصهيوني، واستنفرت أجهزة الاستخبارات الصهيونية كل قواها لرصد هذه الحركة وقياداتها، وما أن لاحظت سلطات الاحتلال استجابة الجماهير للإضرابات، وبقية فعاليات المقاومة التي دعت لها الحركة منفردة منذ انطلاقتها، وصدور ميثاق الحركة، حتى توالت الاعتقالات التي استهدفت كوادر الحركة وأنصارها منذ ذلك التاريخ، وقد كانت أكبر حملة اعتقالات تعرضت لها الحركة آنذاك في شهر أيار / مايو 1989، وطالت تلك الحملة القائد المؤسس الشيخ الشهيد المجاهد أحمد ياسين.
تأسيس الجناح العسكري "كتائب القسام"
ومع تطور أساليب المقاومة لدى الحركة التي شملت أسر الجنود الصهاينة، في شتاء عام 1989 وابتكار حرب السكاكين ضد جنود الاحتلال عام 1990 جرت حملة اعتقالات كبيرة ضد الحركة في ديسمبر/1990، وشرعت سلطات الاحتلال في سياسة إبعاد رموز الحركة وقيادييها، واعتبرت مجرد الانتساب للحركة جناية يقاضى فاعلها بأحكام عالية!.
ودخلت الحركة طوراً جديداً منذ الإعلان عن تأسيس جناحها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام في نهاية عام 1991 وقد أخذت نشاطات الجهاز الجديد منحى متصاعداً، ضد جنود الاحتلال ومغتصبيه، وفي ديسمبر 1992 نفذ مقاتلو الحركة عملية أسر الجندي نسيم توليدانو، قامت على إثرها السلطات الصهيونية بحملة اعتقالات شرسة ضد أنصار وكوادر الحركة، واتخذ رئيس وزراء العدو الأسبق إسحاق رابين قراراً بإبعاد 415 رمزاً من رموز شعبنا كأول سابقة في الإبعاد الجماعي، عقاباً لحركة حماس، بينما قدّم مبعدو حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي نموذجاً رائعاً للمناضل المتشبث بأرضه مهما كان الثمن، مما اضطر رابين إلى الموافقة على عودتهم بعد مرور عام على إبعادهم قضوه في العراء في مخيم مؤقت في مرج الزهور في جنوب لبنان.
"حماس" تعلن حرب شاملة ضد الاحتلال
لم توقف عملية الإبعاد نشاط حركة "حماس" ولا جهازها العسكري، بل زادت الحركة مقاومة وجهادا ضد الاحتلال والجنود والمغتصبون ، فقطعت دابرهم ودبت في قلوبهم الخوف والرعب، ولمّا أقدم مغتصب إرهابي يهودي يدعى باروخ غولدشتاين في فبراير 1994 على تنفيذ جريمة بحق المصلين في المسجد الإبراهيمي في الخليل مما أدى لاستشهاد نحو 30 فلسطينياً وجرح نحو100 آخرين، أعلنت حركة حماس حرب شاملة ضد الاحتلال الصهيوني، ووسعت دائرة عملياتها لتشمل كل صهيوني يستوطن الأرض العربية في فلسطين لإرغام الاحتلال الصهيوني على وقف جرائمه ضد الفلسطينيين العزل.
العمل العسكري إستراتيجية للمواجهة
ومع تصاعد العدوان الصهيوني، بدأ مشروع حركة "حماس" العسكري هو الآخر يتصاعد ويتطور من عام لآخر، حتى أصبح العمل العسكري يشكل الوسيلة الإستراتيجية من أجل مواجهة المشروع الصهيوني، وهو بطبيعة الحال سيبقى الضمانة الوحيدة لاستمرار الصراع وإشغال العدو الصهيوني عن التمدد خارج فلسطين، وكذلك فإن الحركة النبيلة اعتبرت أن العمل العسكري في بعده الاستراتيجي يشكل وسيلة الشعب الفلسطيني الأساسية للإبقاء على جذوة الصراع متقدة في فلسطين المحتلة، والحيلولة دون المخططات الصهيونية الرامية لنقل بؤرة التوتر إلى أنحاء مختلفة من العالمين العربي والإسلامي، فأوقفت بذلك الفكر الصهيوني الذي كان يفكر بضم أجزاء من البلاد العربية لتكوين (إسرائيل الكبرى) التي باتت حلما يحلمون به طالما وجدت حركة "حماس".
خطورة التسوية دعا "حماس" لتوعية الناس
ونظراً لخطورة خيار التسوية المطروحة حالياً، فقد تبنت الحركة موقفاً يقوم على نقاط غاية في الأهمية تتمثل في توعية الشعب الفلسطيني بخطورة التسوية، والاتفاقات الناجمة عنها، والعمل على تكتيل القوى الفلسطينية المعارضة لمسيرة التسوية والاتفاقات الناجمة عنها، والتعبير عن موقفها الرافض في الساحات الفلسطينية والعربية والدولية، وكذلك مطالبة القيادة المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية بضرورة الانسحاب من المفاوضات مع الكيان الصهيوني، والتراجع عن الاتفاقات التي لازالت حتى هذه اللحظة تهدد وجود الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات وفي الحاضر والمستقبل، وعمدت تلك الكتلة المؤمنة المتماسكة على مطالبة الدول العربية والإسلامية المعنية، بالانسحاب من المفاوضات وعدم الاستجابة لمؤامرة تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في مواجهة المشروع الصهيوني.
"حماس" تشارك في الانتخابات التشريعية
وبعد أن عاش الشعب الفلسطيني سنوات طويلة مع مسيرة التنازل ومحاولات فرض مسيرة التسوية عليه، وباتت الأكاذيب تتكشف للشعب المكلوم، ومن أجل وضع حد لكل هذه الألاعيب بالقضية الفلسطينية ومحاولات تضييعها بثمن بخس، تدخلت حماس بقوة المنطق في الحياة السياسية الفلسطينية وقررت المشاركة في الانتخابات التشريعية التي اعتبرها المحللون أنها نقلة نوعية وضرورية ومتطورة في ذات الوقت في فكر حركة حماس، وأن هذه النقلة تمثل مفترق طرق جديد للقضية الفلسطينية، حيث دخلت الحركة تحت اسم كتلة "التغيير والإصلاح" وذلك من أجل تغيير الواقع الفلسطيني الذي أرّقه الفساد من واقع مرير إلى واقع مشرق آمن.
وبعد قرار الحركة بالمشاركة في الانتخابات التشريعية بدأت مرحلة التنفيذ حيث شاركت بوزنها في الانتخابات وتمكنت من اكتساح الانتخابات لصالحها، فكانت لطمة قوية للاحتلال الذي عمل مع الولايات المتحدة الأمريكية من أجل منع حركة حماس المشاركة في الانتخابات التشريعية، حيث شكّل وجودها صخرة تحطمت عليها كثير من الأمنيات الصهيونية التهويدية.
"حماس" تشكل الحكومة العاشرة
ولم يقف الحد إلى هنا بل أدى ذلك إلى صدمة كبيرة في صفوف حركة فتح التي أدارت الحكومات المتتالية وحدها (بغير مهنية) وفشلت في خدمة الوطن والمواطن، فطالبت فتح "حماس" بتشكيل حكومة ودعت علانية الفصائل إلى عدم المشاركة مع حماس في أي حكومة تشكلها، ظنا منها أن حماس ستقع في ورطة، بيد أنها (حماس) تمكنت من تشكيل الحكومة الفلسطينية العاشرة، وأدارت الأوضاع باقتدار وصعوبة نتيجة معيقات ميدانية وسياسية وضعها أتباع دايتون في طريقها، الأمر الذي أجبرها في نهاية المطاف أن تقوم بالحسم العسكري المبارك في قطاع غزة، والذي أدى إلى طرد الحفنة الخيانية التي كان لها الباع الطويل في التنغيص على المواطنين وعبثوا في أمن الوطن والمواطن من خلال تشكيل عصابات الفلتان والقتل والتمرد والابتزاز، وقد قاد ذلك تيار خياني في حركة فتح، كان يتلقى أوامر مباشرة من الصهاينة والولايات المتحدة الأمريكية من أجل إسقاط حكومة حركة "حماس"، وهو ما اضطر "حماس" للقيام بخطوة الحسم العسكري.
حرب استئصال صهيوفلسطينية في الضفة
الحركة وبعد خطوتها تعرضت لحرب استئصال علنية قادتها حركة "فتح" بشكل رسمي مع قوات الاحتلال الصهيوني جنبا إلى جنب للقضاء على الحركة وعلى المقاومة الفلسطينية، حيث باتت حركة حماس محظورة، وتعرض أبناؤها – ومازالوا – إلى سلسلة طويلة من التعذيب الشديد حتى وصل الأمر بأجهزة عباس الأمنية التي تقودها فتح، إلى إعدام أسرى لحركة حماس في السجون كما حدث في جريمة إعدام الشيخ مجد البرغوثي الذي قضى تحت التعذيب في سجون مخابرات عباس وغيرهم الكثير من المجاهدين والعلماء داخل سجون السلطة .
"حماس" تسير بخطى ثابتة
0 التعليقات:
إرسال تعليق