هيلين توماس تفضح العرب الخائبين!
(1) حاشية على المتن
في الحقل السياسي؛ التوصيف العربي التقليدي للسلوك الأمريكي أنه مزدوج المعايير، خاصة فيما يتعلق بما يسمى الصراع العربي الإسرائيلي، وحديثاً في الموضوع النووي، وأخيراً في موضوع الحريات التي لم تزل أمريكا تؤكد أنها مؤطّرة ومحكومة بمعايير مصلحية وأيديولوجية سياسية.
هل يحق لأحد أن يعيب على أمريكا ازدواجيتها السياسية؟ أو وقاحتها السياسية التي من أمثلتها رفض دعوة "إسرائيل" الانضمام لمعاهدة حظر الانتشار النووي والسعي في الوقت نفسه لحصار إيران بل وربما الاستعداد لضربها لوقف برنامجها النووي؟
هل يحق لأحد أن يعيب على أمريكا شنها الحروب تحت راية الديمقراطية وحقوق الإنسان ونشر وزارة خارجيتها قوائم سوداء للدول التي تنتهك الحريات، بينما تنهي حياة هيلين توماس المهنية المديدة بهذا الشكل المهين فقط لأنها وكما يظهر تتذكر أصل قصة الصراع في فلسطين؟
الإدانة والتجريم لا توجهان لأمريكا، وإنما لمجموعة من أدعياء الاستنارة والليبرالية العرب الذي يضربون لنا أمريكا مثلاً للحريات، ويدعون في بلادنا للحريات المطلقة السائبة المنفلتة التي لا تتعارض فقط مع قيمنا المجتمعية والحضارية الخاصة وحسب، بل وحتى مع مصالحنا السياسية كذلك، حتى باتت الخيانة وجهة نظر مقدسة ومحمية! وصرنا أمة ليس كمثلها أمة؛ فلا خون ولا عملاء في بلادنا مهما فعلوا ومهما قالوا! وبنظرة مسحية على منابرنا الإعلامية من صحف وفضائيات ومواقع إلكترونية نجد أن "الخونة" يتصدرون تلك المنابر كتاباً ومتحدثين ورؤساء ومديرين، وفي جيوبهم وعلى مؤسساتهم تنصب الثروات!
أمريكا (صنمهم المقدس) يضربونها لنا مثلاً، ثم يأبون علينا أن نكون مِثْلها، فنراعي مصالحنا كما تراعي مصالحها، ونجعل قيمنا وثوابتنا الحضارية والمجتمعية سقفاً لأية حرية في بلادنا كما تفعل أمريكا. فحينما نذكّر بهذا النفاق الأمريكي لا كي نعيب على أمريكا، بل كي نفضح تلك الإمعات والكائنات الممسوخة، فحينما نقول لهم أنهم خون لا نحتج عليهم بما لا يعتدّون به من ثوابت وطنية ونصوص شرعية وقيم مجتمعية، بل نحتج عليهم بآلهتهم أمريكا التي بلغتها وأدواتها الخاصة جرمت وخونت و"كفّرت" هيلين توماس فقط لأنها قالت مازحة وعلى نطاق خاص أن "الإسرائيليين" جاؤوا من بولندا وألمانيا وأمريكا إلى فلسطين فعليهم أن يرجعوا من حيث أتوا ويتركوا البلاد لأهلها الأصليين. مما يعني أن أمريكا حاسبتها على معتقداتها وأفكارها لا على أفعالها لأنها لم تقل ما قالته على سبيل النشر العام، وهذا أسوأ انتهاك للحريات (العقوبة على المعتقدات لا على الأفعال).
إذا كان الغرب وعلى رأسه أمريكا –كما يروج صنائعهم في بلادنا- المنتهى في الحريات وحقوق الإنسان، والمثال الأخير، والنهاية للأشياء كلها، فإن ذلك يعني أن الحرية مؤطّرة بالهوية العامة للأمة أو الدولة، ولذلك فأوروبا اليوم تبحث عن هويتها المسيحية في مواجهة المد الإسلامي داخلها، وقوانين "البرقع" والمآذن هي في هذا السياق، كما أن الحرية مسوّرة بمصالح الأمة أو الدولة، وطالما أن "إسرائيل" لم تزل مصلحة غربية فلا بد من محاكمة جارودي إذا تطرق تاريخياً لأعداد ضحايا المحرقة النازية من اليهود، ولا بد من طرد هيلين توماس وإذلالها إذا ذكّرت بأصل القصة التي لم يعد يذكرها حتى العرب!
هذا لا يعني أن نسلم للغرب في سياساته تلك، بل علينا أن نزاحمه ونغالبه، مستخدمين الأدوات الممكنة، والأداة التي لا تتفق مع مصالحنا في لحظة زمنية نتخلى عنها في حينها، ونعود لاستخدامها حينما يلزمنا ذلك، فنهاجم الازدواجية الغربية لحماية مصالحنا وهويتنا وقيمنا الخاصة، ومن هنا يلزمنا أن نفضح ازدواجية معايير الغرب وضبطه للحريات لديه بينما يريدها منفلتة في بلادنا، لأنه لا بد لنا من حماية أمننا ومصالحنا وفرض قيمنا في الوقت نفسه، فالقضية معركة سياسية إعلامية ثقافية، فالغرب يستخدم الحريات وحقوق الأقليات كسلاح لابتزاز الآخرين، وقد فعل هذا منذ الدويلات الصليبية التي زرعها في مشرقنا، ثم استخدمه ضد الدولة العثمانية حينما انتهك سيادتها تحت شعار حماية الأقليات، ولا يزال يستخدمه إلى اليوم.
هذا السلاح ينبغي علينا استخدامه في المقابل، لا لمجرد الابتزاز في سبيل تحقيق المصالح أو حمايتها، بل أيضاً في سبيل حماية القيم التي نؤمن بها والتي من ضمنها كرامة الجنس البشري، والحق المبدئي علينا من قبل الأقليات المسلمة والعربية في شرق العالم وغربه لحمايتها والدفاع عنها، فالمسألة بالنسبة لنا قيمة مبدئية ووسيلة في الوقت نفسه.
وإذا كان بعض أدعياء الاستنارة والليبرالية في بلادنا مجرد فراخ فقّستها الماكينة الغربية في بلادنا، فإن بعض الإسلاميين لا يقلون ضرراً بعد أن سحقتهم دبابات الدعاية الغربية وسطوة فراخ الغرب في بلادنا لسيطرتهم على مفاصل الحكم والفكر والثقافة والإعلام والأدب، إذ أنهم بعد أن انسحقوا باتوا يريدوننا أمة من النعاج الحالمة، والدين الذي يردونه لا يعدو أن يكون مثالياً طوباوياً مفترقاً عن الواقع الذي يضج بالصراع.
منذ أول إشراق للبشرية حتى اليوم نجد أن الحوار وسيلة من وسائل الصراع والمغالبة بقدر ما هو وسيلة من وسائل التعاون والتواصل البشري، ونجد أن الحوار إذا لم يجد في إدارة الصراع أو لم يكن له مكان في لحظة ما في تحقيق التعاون البشري المنشود فإن الصدام بأشكاله المختلفة من عنفية وغير عنفية هو البديل السائغ لإدارة الصراع أو فرض تعاون بشري.
فالذي يحكم العالم هو القوة، والقوة الذاتية للقيم الإنسانية النبيلة ليست كافية لحمايتها أو فرضها إذ لا بد من قوة أخرى خارجية مضافة إليها كالقوة العسكرية والاقتصادية والإعلامية، ونحن نحسب أن قيمنا الإسلامية هي الأنبل والأصلح والأقوى ذاتياً ومع ذلك فإن قوتها الذاتية ليست كافية كما هو الحال اليوم لمغالبة القوى العالمية الأخرى التي تحكم العالم وتهيمن عليه بقواها العسكرية والاقتصادية والإعلامية، فالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن لم تتبوأ هذه المكانة لإيمانها بمبادئ تحررية.
وإذا كان الأمر بهذا الوضوح، فلماذا يريد بعض أبناء أمتنا لها أن تكون من دون الأمم نهباً لكل دخيل، ومطية لكل طماع، مجرّدة من كل ناب ومخلب؟ ولماذا يراد لديننا أن يكون أضحوكة يحيل أتباعه لمغفلين يسهل اختراقهم والعبث بهم والمس بهويتهم ونهب ثرواتهم بحجة أنه دين التسامح؟
إن القوة هي الوجه الآخر للإسلام الذي هو التسامح، وإن القوة جزء من الرحمة التي جاء بها الإسلام للعالمين ليست منفكة عنها، فالرحمة مجرد شعار لا حقيقة له إن لم يكن من مركباته الأساسية القوة، وإن لم يكن من أدواته كذلك القوة.
(2) حديث في المتن
هل يحق لأمريكا أن توبخ هيلين توماس وتتبرأ منها لأنها تتذكر أن فلسطين كانت يوماً ولم يكن فيها "إسرائيليون" وأن هؤلاء "الإسرائيليين" جاؤوا من بلاد بعيدة جداً عن فلسطين كألمانيا وبولندا، وأن تقترح ذلك الحل العادل الوحيد بعودتهم إلى البلاد التي جاؤوا منها تاركين البلاد لأصحابها الأصليين؟
لماذا لا يحق لأمريكا فعل ذلك طالما أن ذاكرة أصحاب القضية من فلسطينيين وعرب تبدأ منذ تاريخ العام 67 ولا تذكر شيئاً عن فلسطين قبل ذلك؟
هل نجد كاتباً عربياً واحداً من غير المحسوبين على التيارين الإسلامي والقومي يذكر شيئاً عن أصل الصراع وبدايته التي كانت في العام 48؟ وهل نجد سياسياً عربياً واحداً من النظام السياسي العربي الرسمي باستثناء القذافي (نذكره لدواعي الدقة) يذكر شيئاً عن فلسطين التي احتلت أولاً في العام 48؟ وهل نسمع من رأس النظام السياسي الفلسطيني ممثلاً برئيسه ورئيس حكومته في رام الله أي حديث عن أصل القضية؟ ألا يتحدث الفلسطينيون ومعهم العرب عن الحل العادل الذي يتمثل في إقامة دولتين فلسطينية و"إسرائيلية"؟ فمن أين لهيلين توماس بهذا الحل العادل الجديد المخترع؟!
قبل فترة نظم مركز الجزيرة للدراسات ندوة في ذكرى النكبة مع الدكتور عزمي بشارة، تحدث فيها الدكتور عن قناعة الصهاينة بغصبهم لأرضنا وإدراكهم لضرورة مقاومتنا لهم مستدلاً على ذلك بأقوال لبنغوريون معناها أنه لا يستغرب مقاومة ونضال الفلسطينيين وقد اغتصبت أرضهم! فما كان من أحد الحمقى مسلوبي الذاكرة ممن كان في الندوة إلا أن فهم من ذلك : أن "الإسرائيليين" معتدلين وأن ردود فعلهم العنيفة سببها تطرف جماعات فلسطينية مثل حماس، واستدل على اعتدال الفلسطينيين بفهمه السقيم لأقوال بنغوريون تلك، (بكل تأكيد هو لا يعلم أن بنغوريون هو مؤسس هذا الكيان الذي قام على الغصب والسرقة والقتل والتشريد)، الحقيقة أن لدينا الكثير من هذه المسوخ المشوهة في الصحافة والإعلام والسياسية! فلقد بلغ التزوير مبلغه!
حينما نستعرض الصورة كلها على هذا النحو ألا نجد هيلين توماس غريبة وشاذة، وجديرة أمريكياً بالنبذ والازدراء والتوبيخ؟!
تخيلوا أن هيلين توماس التي نشأت وكبرت في البيض الأبيض، وعملت فيه صحافية أولى لعقود، واحتكت بالنخبة الحاكمة للولايات المتحدة الأمريكية، والعابثة بأمن واستقرار هذا العالم، والماصة لدماء البشرية، تتذكر وبشكل جيد ودقيق حكاية الصراع في فلسطين، وكأنها لم تتأثر بهذا الانخراط الطويل في هذه البيئة السياسية والإعلامية الأمريكية، وكأن ضميرها بقي نقياً لم يتلوث في هذا الوسط الملوث بدماء ضحايا الجشع الأمريكي، بينما حُسِمت المسألة لدى أصحاب الحق الأصليين ولم تعد مطروحة حتى للتداول التاريخي فضلاً عن التداول السياسي، فهذا فياض لا يجد مشكلة في إيمان اليهود بحقهم التوراتي في الضفة الغربية (يهودا والسامرة) ولكنه يرجوهم أن يتركوا "شعبه" ليعيش، فقط يعيش (ملاحظة: البهائم تأكل وتشرب وتُخرِج وتنام وتتكاثر وتعيش)! وأخيراً يقول السيد عباس للصهاينة في أمريكا أنه لا ينفي حق الشعب اليهودي على أرض "إسرائيل".
أمريكا عاقبت هيلين على قناعاتها وأفكارها لا على أفعالها لأنها قالت شيئاً محرماً في دعابة خاصة، ونحن يراد منا ألا نوبّخ من بات يعتقد أن لليهود حقاً في أن يؤمنوا بتوراتية هذه الأرض وحقهم فيها، ومن ثم يعمل لتأبيدهم فيها إلى يوم القيامة، ثم يجد من خلفه جيشاً من مرتزقة الإعلاميين والكتاب بل والمشايخ للدعاية له وتشريع أفعاله وتصويرها على أنها بطولة فذة! (تأملوا: ما ينبغي أن يسمى خيانة لم يعد وجهة نظر وحسب بل بات بطولة وألمعية وذكاء!).
هل يحق لنا أن نوبخ الفلسطيني والعربي الذي زوّر وعي العالم أجمع حينما أخرج مقدماً وبلا أي ثمن فلسطين المحتلة عام 48 من النزاع ليبقي الأرض التي احتلت عام 67 محلاً للنزاع ونهباً للمصادرة والتهويد وتغيير الوقائع، حتى بات مجرد التذكير بأصل "الاسرائيلين" الأجنبي عن هذه الأرض شيئاً مثيراً للدهشة والذهول وتعبيراً فجاً عن التطرف والعنصرية!
هكذا شعرت أمريكا حيال هيلين والسبب في ذلك أن السادات قرر أن يسترد سيناء مقابل فلسطين! فالسادات لم يسترد حقه في سيناء إلا بعد أن أقرّ بشرعية غصب فلسطين، بمعنى قايض فلسطين (التي لا يملكها لا هو ولا شعبه) بسيناء، وهذا الفعل الذي يسمى أصلاً بحسب أدبيات البشر سرقة وأنانية يسمى في أدبيات عرب اليوم شطارة وفهلوة بعد أن حاول المصريون لسنوات إقناع العرب بشطارة السادات وضرورة الاستفادة من مدرسة الفهلوة المصرية.
هكذا شعرت أمريكا حيال هيلين والسبب أن عرفات قرر أن يعترف بإسرائيل مقابل اعترافها بشرعيته كرئيس لمنظمة التحرير ممثلاً للشعب الفلسطيني، وهكذا قايض عرفات ومعه فتح فلسطين بشرعية منظمة التحرير! هكذا شعرت أمريكا حيال هيلين والسبب في ذلك أن الجزء الذي بقي من فلسطين محلاً للنزاع قايض عليه من جاء بعد عرفات مقابل استمرار أمريكا في حمايته وتمويله! وصار المشروع الوطني الفلسطيني إقامة الدولة الفلسطينية على ما تبقى من أراضي العام 67 وهذا الثمن المدفوع مقابله استمرار الحماية والتمويل والقبول إقليمياً ودولياً! هكذا شعرت أمريكا حيال هيلين والسبب في ذلك أن زعيم الدولة الأكبر (مصر) يهنئ الكيان الغاصب بذكرى غصبه لأرضنا، بل يهنئه بذكرى قتله للجنود المصريين عام 48! بينما يعلن العداء ويضرب الحصار على الشعب المغصوب المظلوم!
هكذا شعرت أمريكا حيال هيلين والسبب أن رئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس لا ينفي حق الشعب اليهودي على أرض "إسرائيل" كما قال لثلاثين من قادة اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة والباحثين وأعضاء في الإدارة الأمريكية السابقة أثناء لقائه بهم في مركز دانيال أبرامز للسلام في الشرق الأوسط.
نحن الفلسطينيين ومن قبلنا العرب من جعل هيلين شيئاً غريباً وشاذاً في أمريكا بل وفي هذا العالم! لأننا نحن أي العرب والفلسطينيين من زوّر التاريخ وخلق هذه الخديعة الكبرى حينما اعترفنا بإسرائيل وسلمنا بشرعيتها وجعلنا بقية أرضنا الممزقة نهشاً لأنياب الصهاينة، فكيف لنا أن ندين غصب وسرقة بقية أرضنا وقد شرعنّا أصل الغصب والسرقة حينما اعترفنا بالكيان الغاصب من حيث الأصل وحقه في أن يكون وطناً قومياً لليهود على أرضنا؟! وكيف لنا أن ندين بريطانيا ونصف وعد بلفور بأنه وعد من لا يملك لمن لا يستحق وقد فعلت مصر ذلك تماماً!؟ وكيف لنا أن ندين الموقف الأمريكي من هيلين وقد تخلينا نحن أصلاً عن فلسطين وما عدنا نتحدث إلا عن نتف من الأراضي!
والغريب الذي لا يكاد يتوقف عنده أحد، أن العرب والفلسطينيين (الشطار) لم يكتفوا بالتخلي عن فلسطين، بل سموا هذا التخلي حلاً عادلاً، ولا أدري أي شيء يضطر عرب اليوم أن يسموا تمليك اليهود الأغراب لفلسطين مقابل نتف من الأرض حلاً عادلاً، وكان يمكنهم على الأقل قبول هذا الحل الأممي لعجزهم دون تسميته حلاً عادلاً، لكنه الإصرار الغريب وغير المفهوم على التزوير والتماهي مع العدو.
ألا يستحق هذا التزوير الجماعي لوعي البشر، والإقرار بشرعية أكبر عملية سرقة في التاريخ، إدانة وتجريماً وتخويناً، فنحن ما عدنا نتحدث عن أفكار مستترة، ولا قناعات مختبئة، بل عن أفعال تعدت كل معقول، حتى باتت المقايضة الجائرة حلاً عادلاً.
ثم ألا يستحق كل من يدعو حماس للحاق بركب الباعة والمزورين تقريعاً شديداً، وذماً مقذعاً؟! لأن المسألة ما عادت فقط بيعاً لفلسطين، بل تزويراً لوعي البشرية كلها التي بات غريباً لديها الحديث عن فلسطين الكاملة وعن الأغراب الذين قدموا إليها من كل مكان ليسرقوها من أصحابها!
وبعد ذلك، ألا يحق لنا أن نستاء من الخطاب الفلسطيني المقاوم الذي بات يستخدم مصطلحات مرتبكة في الحديث عن فلسطين، وشكل الصراع القائم، خاصة حينما يتحدث عن احتلال "إسرائيل" للأراضي الفلسطينية، بينما الذي نعلمه أن "إسرائيل" كلها كيان محتل، وأن كل ما تقع عليه هو فلسطين!؟
إن الاستمرار في هذا الخطاب المرتبك يساهم في عملية التزوير دون أن يجني ثمناً مشرفاً مقابل ذلك، بينما بتنا نسمع من بعض المؤرخين الجدد داخل الكيان ومن بعض العقلاء في الغرب بل حتى من بعض المؤمنين سابقاً بمشروع التسوية دعوات لإعادة بحث القضية من جذورها أي إرجاعها إلى العام 48، فالواجب اليوم الانضمام إلى العجوز هيلين وتذكير العالم بأصل القضية، والخجل من أنفسنا حينما يكون هزل هيلين أكثر صدقاً من جدنا!
(3) شيء في الهامش
لو أن كاتباً في صحيفة الشرق الأوسط هاجم هيلين وانحاز للموقف الأمريكي منها فليس ثمة ما يستدعي العجب!
0 التعليقات:
إرسال تعليق